السبت، 7 يوليو 2012

كيف تتعلم (الاحوال المدنية) من ستيف جوبز ؟



فوق كل فرع لـ آبل في امريكا ، تجد علامة الشركة مضيئة بهذه الطريقة. كيف تم إختيارها ولماذا ؟ وهل فعلاً ستيف جوبز ومن معه فكروا كثيراً في هذه النقطة ؟ الجواب هو نعم بكل تأكيد. في مقالة سابقة قرأتها في مجلة الفاست كومبني ، كانت بعنوان " ماذا نتعلم من علامة آبل المضيئة ؟ " وملخص المقالة حسب ما افتكر هو الإهتمام بالتفاصيل الصغيرة ، وإستغلال كل طريقة ممكنة لإيصال رسالتك للعميل. اليوم اعيد السؤال ولكن بطريقة مختلفة قليلاً ، فكاتب المقالة في الفاست كومبني كان يوجه سؤاله لروّاد الأعمال في امريكا entrepreneurs ولكن أنا اوجه السؤال لروّاد الأعمال في المملكة والعاملين في القطاع الحكومي ، وكل شخص يقدم خدمة هناك ! " كيف نتعلم من ستيف جوبز ؟ " وكيف ندخل مع باقي شركات وقطاعات امريكا الخاصة والحكومية المرحلة الجديدة في التسويق ، مرحلة يتم التركيز فيها على تجربة العميل بشكل اوسع بكثير !

التسويق دخل مرحلة جديدة في امريكا !



المشكلة لأغلب مقدمي الخدمات في المملكة انهم ما زالوا يعتقدوا ان التسويق هو مجرد الاهتمام بالخدمة او المنتج المقدم فقط لا غير ، الان وحسب ما لاحظت في امريكا دخل التسويق مرحلة جديدة تماماً ، يكون التركيز فيها على ( التجربـة / experience ) بدلاً من التركيز على الخدمة او المنتج ، ولذلك بعض الشركات بعد تقديم الخدمة لا تسألك عن رأيك في مُقدم الخدمة او المنتج ، ولكن تطلب منك تقييم تجربتك معهم Rate your experience ! لانه بلا شك الاهم.

مثال توضيحي من الاحوال المدنية في مدينة جدة : احتجت إلى تجديد لبطاقة الاحوال واستغرق الوقت تقريباً إنتظار ساعتين في اليوم الاول ومن ثم اعتذر الموظف من الجميع بسبب (روتيني) وهو : السيستم عطلان! وربع ساعة تقريباً في اليوم الثاني لاستلم البطاقة. بشكل عام الخدمة افضل بكثير من السابق رغم حادثة السيستم في اليوم الاول. الان لنقارن بين إمكانية تطوير الخدمة هناك حسب المفهوم القديم ، وحسب المفهوم الجديد :

تطوير الخدمة في الاحوال المدنية حسب مفهوم التسويق القديم : التركيز على الخدمة والعمل على التأكد من إستلام المواطنين (العملاء) بطاقاتهم وإنهاء الخدمة المقدمة لهم بسرعة كبيرة جداً ووضع اكبر عدد ممكن من الموظفين لتسريع العملية وفتح فروع جديدة في حال احتاج الوضع إلى ذلك!

تطوير الخدمة في الاحوال المدنية حسب مفهوم التسويق الجديد (experience phase) : التركيز على تجربة العميل كاملة قبل كل شيء ، وتقسيمها إلى ثلاثة مراحل (قبل / اثناء / وبعد ) الخدمة ، هنا انا كمصمم للخدمة ، احاول تحسين التجربة التي يمر فيها العميل من ملاحظته للحاجة إلى خدمتي ، مروراً بتذكيره بموعده قبلها بيوم والتأكد من وجود موقف سيارات قريب جداً من الفرع وتقليل مدة الإنتظار وإبتسامة الموظف اثناء تقديم الخدمة وبعد ذلك تسليمه البطاقة بإبتسامة من الموظف وشكر منه على تعامله واعتذار عن اي تأخير حصل.

تطوير المباني وعمل اكثر من فرع للاحوال المدنية لن يهم اي شخص مالم تكون الخدمة المقدمة له على مستوى عالي ، التجربة التي يمر فيها العميل يجب ان تكون على مستوى منافس للقطاع الخاص مثلاً ! لأن العميل لن يقارن بين القطاعات الحكومية بشكل منفصل عن القطاعات الخاصة داخل عقله ، ولكن سيقارن بين كل من يقدم خدمة له. 

في النهاية الهدف من مفهوم التسويق الذي نعرفه جميعاً والتسويق الجديد هو نفسه ، تقديم خدمة افضل! ولكن بالنسبة للمُسوق هنالك إختلاف ، في المفهوم القديم التركيز كان ضيق نوعاً ما على المنتج والخدمة ، اما في المفهوم الحديث فالمسؤولين عن التسويق يجب عليهم التركيز على التجربة كاملة حتى وإن كانت خارج نطاق إرادتهم ! لذلك كوتلر يؤكد اهمية وجود جزء كامل من قسم التسويق في اي شركة يعنى بالعلاقات الخارجية التي قد تحتاجها الشركة عند تحسين الخدمة المقدمة للعملاء !

والهدف من التركيز على المفهوم الجديد ؟

مثل ما استوعبت الشركات في امريكا ان الزبون غالباً لن يكون عادلاً في تقييمه للتجربة ، نفس الشيء يحدث في المملكة! ، بحثي عن موقف للسيارة في بنك سامبا فرع الاندلس لمدة نصف ساعة سيُعكر بلا شك على تجربتي هناك حتى وإن كانت الخدمة المقدمة جميلة جداً ، وهذا ما حدث تماماً قبل اسبوعين من الان ! التجربة بشكل عام لم تكن مريحة بالنسبة لي : لأنها لم تبدأ بدخولي للفرع ، ولكنها بدأت من مواقف السيارات!



جاي إيليوت مؤلف الكتاب وعمل تحت إدارة ستيف جوبز : " كان ستيف جوبز يعمل جاهداً على ان تكون تجربة العميل مع منتجات آبل سعيدة من البداية .. ولذلك ستيف جوبز كان يهتم بتجربة العميل من اللحظة التي يفتح فيها العلبة وكان يسأل اسئلة مثل : ماهو اول شيء سيراه العميل عند فتحها ؟ وكيف ملمسها ؟ ومدى سهولة وصوله للمنتج ؟ واول شيء يراه عند فتحه للآي فون ؟"

إيليوت هنا يشرح لنا كيف ستيف جوبز قام بتقسم التجربة إلى مراحل ، ولذلك التجربة كانت دائماً فريدة !

نصائح تساعد في تحسين تجربة عملائك ؟



  1. الاشياء الصغيرة لها آثار كبيرة : دراسة قامت على مجموعتين من المتسوقين في امريكا ، الاولى حصلت على هدايا قبل خروجهم من السوق ، والاخرى لم تحصل على اي شيء ، نسبة كبيرة من المجموعة الاولى ابدت سعادتها بالتجربة في التسوق وكانت اكبر من المجموعة الثانية التي لم تحصل على شيء. الهدايا لم تكلف شيء ولكنها حركت مشاعر إيجابية للمتسوقين في وقت حساس من التجربة.
  2. ادرس التجربة واعلم اين هي اللحظات (الحاسمة) : هل تهتم إذا كانت خدمة النادل رائعة جداً في مطعم قدم الاكل لك بارد ومتأخر نصف ساعة ؟ لا طبعاً. المهم في المطعم هو الاكل ، قدمه بشكل جيد ومن ثم اهتم في الخدمة ، رتب اولوياتك! وادرس التجربة التي يمر فيها عملائك واعلم اي مرحل من مراحل التجربة هي الاهم ولا تخذل عملائك فيها!
  3. حاول تحسين الامور السلبية لديك : مطاعم في امريكا تضع موسيقى هادئة في غرف الإنتظار لعلها تريح اعصاب العملاء. لان الانتظار تجربة سلبية يمر فيها العميل ولكن للأسف يصعب احياناً تجاوزها ، ولكن يمكن تقليل سلبيتها نوعاً ما!
  4. النهاية مهمة دائماً : اخر شيء يحصل عليه العميل في النهاية مهم جداً ، لكن غالباً هو اوضح شيء سيتذكره لاحقاً !
للإستزادة في هذا الموضوع انصح بقراءة مقالة بعنوان : Emotional Cues That work Magical on Costumers

خلاصـة !

محاولة نقل مشروعك لمرحلة التسويق الجديد لا يحتاج إلى صرف كبير للاموال ولا حتى تغيير جذري لاسلوب تقديم خدمتك. ولكن يحتاج نظرة مختلفة لعملائك والتفكير في نقطتين اثنين ١. زيادة كل ما يثير المشاعر الإيجابية لدى العميل. ٢. تقليل كل ما يثير المشاعر السلبية لدى العميل. ابدأ بشكل بسيط وضع نفسك مكان العميل وحاول معرفة ما يهم العميل فعلاً وطبقه بأفضل طريقة ممكنة له ، ومن ثم اعمل على الامور الصغيرة التي لا تكلف كثيراً ولكن تعني الكثير لعملائك. بنك سامبا مثلاً بإمكانه عمل مواقف من عدة اطباق ، ولكن انت ومشروعك الصغير لن يتحمل ذلك ، ولكن قد يتحمل عمل مظلات في المواقف الحالية مثلاً !

احمد الردادي

في النهاية اترككم مع (جوسيف باين) الذي تحدث عن تحول التسويق لـ مرحلة جديدة يهتم فيها العميل بالتجربة. كان المؤتمر في عام 2004 وتحدث في إحدى مؤتمرات تيـد ! مشاهدة ممتعة 



هناك 5 تعليقات:

  1. وااااااااااو وااااااااو وااااااو !! يارجل ماهذا الإبداع !!

    "ادرس التجربة واعلم اين هي اللحظات (الحاسمة) "
    ياخي لو مايجي من المقال الا هالجملة لكفى !!

    لله درك ،،، واصل واستمر بارك الله فيك

    ردحذف
    الردود
    1. الله يخليك ، ما اعتقد اني استاهل هذا كله هههههه

      شكراً يا ابراهيم ، من جد رد كل كاتب يتمناه :)

      حذف
  2. مقاله جدا ارائعة استمتعت واستفدت كثيراً
    اشكرك

    ردحذف
    الردود
    1. الله يجزاك خير يا احمد ، وإن شاء الله دائماً عند حسن ظنك :)

      حذف
  3. مقال جميل كتابة سلسة استمر بارك الله فيك

    ردحذف