الخميس، 4 أكتوبر 2012

جاك ويلش ونظرية (١٠/٧٠/٢٠) الغريبة!


- واجه المدير التنفيذي السابق لـ " جينرال إلكتريك " جاك ويلش إنتقادات لاذعة في احد اساليب إدارته للشركة العملاقة خلال فترته (١٩٨١ لـ ٢٠٠١). الشيء الذي كان يقف في صفه هو نجاحه الاسطوري والذي يجعله في رأي البعض أفضل مدير تنفيذي في تاريخ امريكا. نعم أفضل من ستيف جوبز!!
- خلال فترته ارتفع سعر سهم جينرال إلكتريك ٤٠٠٠٪ ، لم اضع اي صفر بالخطأ. اربعة الاف في المئة نسبة إرتفاع السهم!
- تركيز جاك ويليش كان على شيء واحد " الاشخاص داخل المنظمة " وكان يؤكد ان نجاح المدير يكون بتعيين من هم أفضل منه. وإذا لم يقوم بذلك يكون قد فشل بشكل كبير. ولجاك ويلش مقولة شهيرة : Business is people.
- عدو جاك ويلش الاول كانت "البيروقراطية" لذلك استطاع إنقاذ شركته طوال العشرين سنة التي حدثت فيها تغييرات كبيرة انتهت بالإنترنت بالتأقلم مع كل مرحلة بأفضل طريقة ممكنة!

إذاً ، بعد هذه النجاحات لماذا يتم إنتقاده ؟ السبب هو نظرية ٢٠/٧٠/١٠.
وهي بإختصار تقسييم جميع موظفي الشركة إلى ثلاثة اقسام :

قسم الـ ١٠٪ : هم بإختصار افضل ١٠٪ من موظفيك. يتم تدليلهم بالمحفزات والرواتب ولهم النصيب الاكبر من الكعكعة. لانهم يستحقوا بناءً على ادائهم.
قسم الـ ٧٠٪ : هم الموظفين الذين يقعوا في المنتصف. ليسوا سيئين ، ولا رائعين كذلك. محفزات بسيطة كافية على إبقائهم. والتركيز على تدريبهم ليكونوا ضمن الـ ١٠٪.
قسم الـ ٢٠٪ : هم الجزء السفلي في سلم الاداء في الشركة. يتم الإستغناء عنهم جميعاً وفسح المجال للجدد نهاية كل عام.



يبرر جاك ويلش هذه الطريقة لهذه الاسباب :

- تجعل المحفزات والجوائز ذات معنى يشكل فرق لدى الموظفين. لا يدخل قائمة الـ ١٠٪ إلا من يستحق ليستشعر قيمة المحفزات ولا نجعلها مجاملة تخسر قيمتها بعد فترة من الزمن.
- توضح من هم الـ ٧٠٪ ولماذا لم يكونوا ضمن الـ ١٠٪. كيف اقوم بتطويرهم ؟ كلها اسئلة ينتجها هذا النظام تساعدك بالحصول على موظفين افضل!
- تقدم الـ ٢٠٪ فرصة لأن يعملوا في مجال افضل. الخطأ هو ان تبقيهم حتى التقاعد في وظيفة سيئة لهم تجعل حياتهم الوظيفية تعيسة ومملة. إعطائهم مهلة تصل لستة اشهر للبحث عن وظيفة جديدة تجعل عملية فصلهم اسهل بكثير.
- طرد من يقعوا في قائمة الـ ٢٠٪ ليس ظلم لهم. الظلم هو ان تقدم محفزات كاذبة لتجعلهم يشعرون انهم يصنعون اي فرق كما تفعل معظم الشركات اليوم بجائزة (موظف الشهر). وصف جاك ويلش ذلك بـ (اللطف الكاذب - Falls Kindness)

اليوم ، شركات كثيرة في امريكا - وخارج امريكا - تستخدم هذا النظام ! الإنتاجية تزيد والموظفين يعلموا انهم إذا عملوا بشكل اكبر سيحصلوا على فرصة المشاركة في الحصة الاكبر من الكعكة ودخل الشركة نهاية العام. بزيادة إنتاجية الشركة تصبح - حسب تعبير ويلش - اكثر قدرة على العطاء للمجتمع. تتوسع الشركة وبالتالي تتوفر وظائف اكثر للجميع. واما بخصوص الـ ٢٠٪ ، فهم يستطيعوا العمل في شيء يستطيعون النجاح فيه وبالتالي الإستمتاع به. حسب حديث جاك ويلش الجميع يربح.

لكن تساؤلات تطرح نفسها :

- ماهي طريقة التقييم التي تضمن عدم ظلم المدير لمن هم تحت إدراته ؟ كيف نستطيع عمل نظام ينجح في باقي الشركات في المملكة مثل ما نجحت بعضها في امريكا ؟ كيف نضمن الا نرى اغلب من قاموا بعملية التقييم هم في الـ ١٠٪ ونتفاجىء نهاية كل عام ان المدراء كلهم في هذه القائمة !!!؟
- يقول احد العاملين في فرنسا ان هذا النظام يقوم بتحويل الانسان إلى آلة. عدة إجازات وعدة لحظات مهمة مع العائلة يتم تركها من اجل الـ ١٠٪ ! هنا اجد رد جاك ويلش منطقي نوعاً ما : لم نوجه المسدس إلى رأسك ونجبرك على العمل معنا!!
- النظام بلا شك سيشكل ضغط على الموظفين ، هل هذا الضغط صحي ؟ هل الضغط النفسي عامل مهم للجناح ؟ 

سؤال يجب ان يطرحه كل ريادي أعمال قبل ان يفكر في تطبيق النظام: كيف اطبق نظام ١٠/٧٠/٢٠ واضمن ألا يُظلم اي موظف بسببه. كيف اجعل عوامل التقييم امور مهمة للشركة وليست امور رقمية ؟ كيف يكون النظام واضح وسهل تطبيقه في حال توسعت الشركة - بإذن الله-


جاك ويليش يقول : القسوة ليست في طرد الموظفين. رغم اني اعلم ان اصعب مهمة يقوم بها المدير هي طرد الموظفين. ولكن القسوة هي الكذب على الموظفين اصحاب الاداء المنخفض لسنين طويلة حتى تصعب عليهم عملية التأقلم مع وظيفة جديدة. هكذا تكون ظلمت الموظف ، وظلمت شخص قد يكون اكفأ منه للعمل في المؤسسة وبالتالي ظلمت وخذلت المؤسسة التي عملت بها لمشاعر عاطفية بعيدة كل البعد عن العقل والمنطق.

احمد الردادي، ٤/١٠/٢٠١٢.